
كلمة العائلة بمناسبة احتفال إطلاق الجائزة وإعلان النّتائج
ألقى الكلمة السّيّد موسى سنداحة قائلا:
باسم عائلة ميشيل سنداحة، يشرّفنا أن نرعى مسابقة جائزة ميشيل سنداحه للإبداع الأدبيّ في اللّغة العربيّة.
الإبداع .... إنّه الاختراع أو الابتكار، وقد جاء في معجم لسان العرب بدع الشّيء أي أنشأه وبدأه. الإبداع لا يتوقّف على إنشاء الأشياء مثل المباني والإنشاءات أوالأجهزة والآلات، بل إنّ الإبداع يشمل جميع أفعال الإنسان؛ لأنّه يمثّل مركز التّفكير والتّركيز بتحقيق الأهداف، حيث تبدأ الأفكار بالخيال وتتحوّل إلى حقائق تؤدي إلى التطوّر والتّقدّم والإبداع.
ميشيل سنداحة آمن منذ نعومة أظفاره بأهميّة العلم والتّطوّر، عشق وطنه، وآمن بحقّ شعبه بالحريّة والحياة الكريمة؛ لذلك لم يحل بينه وبين تحقيق أحلامه إغلاق مدرسته بالقدس عقب نكبة 1948، بل اختار أن يذهب يوميّا من القدس إلى رام الله مسافة 18 كيلو ولمدة 3 سنوات وبالمواصلات العامة حتى أنهى تعليمه المدرسيّ. سعى لتحقيق الإنجاز والإبداع له ولغيره، وكان دائمًا يقول "من لا يتقدّم يتأخّر".
قدّر جهد المعلّمين وترجّم ذلك بأن بدأ حياته العمليّة معلّما في مخيم اللاجئين في أريحا رغبة منه في خدمة أبناء الوطن والعلم بذات الوقت، ثمّ التحق بشركة آرامكو بالسّعودية، وشارك في برامج محو الأميّة للمواطنين العاملين في الشركة وبدأ يحثّهم على التعلّم والتطوّر وينيرعقولهم ويحرضّهم للدّفاع عن حقوقهم، مما أثار غضب السّلطات فسجنته ثم أبعدته. لم يحبط لإيمانه بأنّ التّسلح بالعلم والفكر يمكّن الإنسان من إكمال المسيرة مهما كانت الظّروف، وانتقل إلى لبنان ليكمل دراسته الجامعيّة.
رجع إلى القدس مسقط رأسه وعمل مديرًا ماليًّا في شركة كهرباء القدس وانتخب أمين سرّ نقابة عمالها. وكنتيجة حتميّة لعمله الدّؤوب ونضاله للدّفاع عن عروبة القدس أصبح أحد قيادات الحركة العمّاليّة العربيّة في القدس. وقاد الإضراب العام لمقاومة إلحاق النّقابات العربيّة في اتّحاد النّقابات العمّاليّة في دولة الاحتلال. مما أدّى إلى أسره وإبعاده عن بلده فلسطين والقدس التي أحبّ إلى عمّان التي أحبّها أيضا واعتبرها توأمًا للقدس.


ولم ينس القدس وقضيّة فلسطين فانضمّ إلى هيئات مقدسيّة، وساهم في تأسيس جمعيات مقدسيّة سعت ومازالت تسعى لترسيخ الهويّة وتثبيت حقّنا بفلسطين.
أبي وطنيّ، عروبي أرثوذكسيّ لم يبخل بوقت أو نضال أو مشورة على وطنه والمؤسسات الوطنيّة والأرثوذكسيّة، وفي مقدّمتها جمعيّة الثّقافة والتّعليم الأرثوذكسيّة التي التحق فيها كعضو عامل ثم عضو في هيئتها الإداريّة، فنائب للرئيس وانتهى كرئيس لهيئتها الإداريّة بعد اختياره مرّات عدة لهذا المنصب.
عشق الكلمة واعتبرها سلاحا ينير الطَّريق ويشعل الثّورة في نفوس من يطلبون الحريّة، فأصدرعدة كتب ودواوين شعر، وتحمّل مسؤوليّة إصدار "رسالة المحبة" وترأس تحريرها لمدّة ثلاثة عشر عاما، وسطّر العديد من افتتاحيّاتها التي تحمل العديد من القيم السّامية المزدانة بأرقى وأبهى المفردات، والتي تعالج موضوعات الحياة كافة، خصوصًا الوطنيّة منها والتّربويّة.
لقد أحبّ قيم المؤسسة الوطنيّة العربيّة الأرثوذكسيّة التّربويّة - المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة- فألحق أولاده وأحفاده فيها، وكان يتفاخر بإنجازاتها، والتي بدأت مدرسة صغيرة بعدد محدود من الصّفوف في خمسينيّات القرن الماضي لتصبح بعد ذلك مدارس عدة، وتحصل المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة - الشّميساني على الاعتماديّة الدّوليّة .... المشروع الذي دعمه بشغف.
ولأنّه أحبّ الأدب وأحبّ طلبة المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسية، وآمن بهم أملا للمستقبل وبناة حضارة وكرامة ..... عزمنا نحن عائلة ميشيل سنداحة على إحياء ذكراه وتكريم الطّلبة المبدعين من أبنائه طلبة المدرسة الوطنيّة الأرثوذكسية بإطلاق "جائزة ميشيل سنداحه للإبداع الأدبي في اللغة العربيّة". ونعاهدكم على متابعة مسيرة ميشيل سنداحة بأننا لا ولن ننسى مدرستنا ولا وطنيّة أبينا وعروبته وحبّه للّغة العربية ولأبناء وطنه، لذا قرّرنا أن نعمّم المسابقة ونتيح الفرصة لطلبة المدارس الأخرى في الأعوام القادمة. بهذه الجائزة وأهدافها نكون قد أكّدنا قناعات والدنا الوطنيّ العروبي الأرثوذكسيّ، وتبقى الوطنيّة شعارنا ومن أحبّ وطنه أحبّ لغته.
وأخيرًا لكم منّا نحن أسرة ميشيل سنداحة جزيل الشّكروالتقدير.
وأنتهز هذه المناسبة لأتقدّم بالشِّكر الجزيل لجمعيّة الثّقافة والتّعليم الأرثوذكسية وهيئتها الإداريّة ولمدرستنا الوطنيّة الأرثوذكسيّة إدارة ومعلّمين وطلبة لتنظيم هذه المسابقة، والعمل الجادّ لغرس حبّ اللّغة العربيّة والاعتزاز بالهويّة الوطنيّة العربيّة لدى الأجيال القادمة.
والشّكر موصول لأعضاء لجنة التّحكيم من رابطة الكتّاب الأردنيّين، ولجنة تحكيم مسابقة الشّعار. والمدرسة الوطنيّة الأرثوذكسيّة الأشرفية وروضة وهبة تماري لمشاركتهما بالمسابقة. ولجميع الطّلبة المشاركين في المسابقة والأهل والضّيوف الكرام.
وكلّ من ساهم في إنجاح هذه المسابقة وهذا الحفل من موظّفين وعاملين، ونعتذر إذا تمّ بالسّهو نسيان أي شخص. ونهنّئ الطّلبة الفائزين متمنين لهم دوام التقدم والمزيد من الإبداع، ونهنئ أولياء أمورهم على تشجيعهم وتحفيّزهم للمشاركة في المسابقة. آملين لقاءكم في العام القادم.
لغتنا العربيّة هويّتنا.